مدونة خاصة .. للمشرف التربوي عبد العزيز الدقيل نقدم فيها كل ما يهتم بالتربية الفنية بشكل عام ( الفن المعاصر والتربية الفنية للفئات الخاصة ..ذوي الاعاقة ، والعلاج بالفن التشكيلي .

عن المدونة

الخميس، 22 نوفمبر 2012

ماهو الفن المعاصر

ماهو الفن المعاصر ؟؟
في القرن الماضي بدء الانتباه يتزايد إلى الفن المعاصر وهذا الاهتمام ملحوظ على وجة الخصوص لدى المؤسسات والدوريات والنقاد على مستوى العالم وقد طرح مؤرخو الفن بشجاعة سؤالاً مفاده، "ما هو الفن المعاصر"  ولكنهم لم يكونوا  يسألوا عن مجرد أي نوع من الفن يمارس هذه الأيام .بل كانوا يسعون لأكثر من ذلك والاجاية على عدة تساؤلات ومهما كانت تلك التساؤلات فالنقاش مختلف عن ما بعد الحداثة الذي تم التنظير له من قبل النقاد المعماريين والأدباء والمثقفين أثناء فترة هيمنته وبعيد عن كل التساؤلات المطروحة فيبدوا أن المعاصرة تختلف عن ما بعد الحداثة في جانب واحد يستحق الملاحظة أن ما بعد الحداثة لا يمكن تصنيفها داخل معرض أو مركز أو لوحات للبيع وأنما هو مصطلح للإشارة إلى بعض الخصائص الأسلوبية. من جهة أخرى نرى أن الفن المعاصر توجد له ممارسات ومؤسسات مثل المتاحف ومراكز الفن والصحف ... على عكس ما بعد الحداثة، أن تسمية الفن المعاصر كما يستخدم بدء من النصف الثاني من القرن الأخير انبثق فجأة وعلى نحو غير متوقع وتعود إلى حالات معينة من الانتاج الفني الذي أزدهر في المرحلة الأخيرة من الرأسمالية العالمية ، مبدأ حرية الفكر أو عدم التدخل في الاقتصاد ، وواكب هذه الفترة المسماه  بقرن الانتقال والتي بدأت فيها المبادرات الحكومية المحلية والأجنبية تجميع أنواع جديدة من المؤسسات في جميع مجالات الحياة تحت شعار الانتقال إلى الديمقراطية، وعمليات التحول إلى الديمقراطية حدثت في مجال الفن ، ومن هنا تم تمويل أنواع جديدة من المؤسسات الفنية من الخارج التي تؤازر وتروج لأشكال الانتاج الفني " المفتوح" أو " الديمقراطية " من ناحية العرض والتوزيع ، وفي هذا المسعى كانت شبكة سورس للفن المعاصر الأكثر فعالية وكان لها الفضل في وضع الأساس لما يقدم اليوم تحت اسم الفن المعاصر، وفيما يتعلق بهذه الشبكة سيتم تناول ما يبدوا أنه ذو أهمية بالغة المتمثل في سؤال ماهو الفن المعاصر ؟
لقد اعتقد الكثير في الماضي ولا يزالون ان الهدف الاساسي لمركز سورس كان عمل فني خيري ( يقدم دعماً للفنانين في أوقات الانتقال الصعبة ) والصحيح ان هناك فرق بين العمل الخيري والعمل الانساني ، إذا ان العمل الانساني يتمثل في تعليم الانسان كيف يفعل الشيء بنفسه ولا يعتمد على أخذه من الآخرين ومثاله " علم أنسان صيد السمك تكون قد اطعمته مدى الحياة " أن عمل برنامج سي أس أيه مثل مؤسس المجتمع المفتوح تعتبر عمل انساني لأن كل مركز كان قبل كل شيء عبارة درس ( علم ) الفنانين كيف يصيدون السمك في مياه السياسة الاشتراكية والاقتصادية .
لقد تم استيحاء رساله برنامج scca من الاتجاهات الجديدة للسياسة الثقافية التي تشكلت أثناء النصف الثاني من القرن الآخير في الغرب وعلى وجه الخصوص في الولايات الأمريكية اوفي صميم نشاطاتهم سلسلة من التغييرات التي تبعت ما يسمى الثورة الإدارية في الفنون وكانت نتيجتها نشوء مؤسسات راعية للثقافة بدلاً من الأفراد الذين رافقوا الفنان خلال فترات مختلفة من تاريخ الفن، ومن أولى هذه المؤسسة في امريكا مؤسسة فورد التي روجت لهذه النموذج الجديد لثقافة العمل الانساني وتقدم على سبيل المثال فكرة منح هبات للفنون وهي ليست تعبير عن العمل الخيري الشخصي و ولكن كاستثمار عالي الاستدانه، وقد رأى مؤيدوا الثورة الثقافية الادارية الجديدة ان هذه المؤسسات طريق إلى ارتباط  ثقافي اوسع وإلى مزيد من الديمقراطية حيث تمكن العديد من الهويات للعمل بحرية دون اخضاعهم والتحكم بميولهم الفنية لكي يبقى الفنانون أحياء ( فنياً ) يستجيبوا "فنياً" لبرامج محددة ومشاريع .
ان هناك نموجان للمؤسساتية ظهرا في بداية التسعينات في اوربا الشرقية  الأولى تستخدم المصطلحات مثل " الفنون الجميلة ، فن النخبة " والأخرى تستخدم مصطلح " كمعاصر وديمقراطي "  الأولى هي النقابات الفنية ( الجمعيات المهنية للفنانين )  والآخرى المراكز التي تنفذ برامج scca وتعتبر نفسها معارضة للنقابات ، وبصرف النظر عن أهدافهم من دعم المنتج الفني وتوزيع الفن فالاثنان مختلفان بشكل كبير في كيفية اعتزامهم تحقيق أهدافهم المشتركة ، أن الفروق المشار إليها مسبقاً بين نماذج فنية متعارضة التي جمعتها هنا تحت مصطلح مفتوح عكس مغلق أو معاصر عكس فنون جميلة لها تضمينات واسعة للانتاج الفني،
ان نموذج نقابة الفنانين يتوافق مع نموذج الفنون الجميلة على اساس أن الابداع الفني يستلزم موهبة وعلى العكس نموذج الفن المعاصر الديمقراطي يتساوى فيه جميع الفنانين في الموهبة " كل شخص فنان "  فالفنان في ما قبل المعاصرة يعرف اسلوب(حرفة ) على سبيل المثال اللوحة المنحوتة يدرسها بنظام التلمذه في الورش والفنان في الفن المعاصر الفنان يعمل مع الوسائط الاعلامية المختلفة ( فهم البيانات او المعلومات المقدمة عن طريق قنوات الاتصال ) فعملية التعلم ليست محصورة داخل مدرسة فنية كما كان يعتقد سابقاً ، فإذا كان صميم نموذج الفنون الجميلة هو فكرة التقليد فصميم النموذج المعاصر على النقيض من ذلك وابتكر (المفهوم) التي تم استحسانها من قبل الكثير من المحكمين لدى scca.
أن  وصول شبكة scca إلى أوربا الشرقية في التسعينات يعيد للأذهان ما حدث في اوربا الغربية بعد الثورة الفرنسية عندما تم القضاء عليها عندما فقدت مصدقيتها ونفوذها في مجال الفن بشكل حاد ، ومع وصول شبكات scca فقد الاتحادات النقابية قوتها الشرعية بل توقفت عن أن تكون آليه حصرية لتحدد من هو الفنان وغير الفنان .
العمل الفني المعاصر وثيقة :
قسمت scca ميزانيتها للنشاطات النموذجية إلى ثلاث خطوط رئيسية وهي: ( توثيق الفنون ، المعرض السنوي ، ومنح الفنانين ) فالتوثيق يقع في أصول شبكة scca منذ لحظة اطلاق برنامج صغير باسم(سوروس) مركز توثيق الفنون الجميلة في بودابست في عام 1985 والمهمة الرئيسية لهذا البرنامج هو دعم الثقافة الهنقارية الحديثة ، وبمقتضى ذلك فإن جذور مراكز ما بعد الاشتراكية للفن المعاصر يمكن تتبعها مباشرة إلى وكالة التوثيق ومهمة التسجيل والحفاظ على مواقف الثقافة المضادة للحداثة ( او ما بعد الحداثة ) وقد حدث الانتقال التاريخي إلى الفن المعاصر في عام 1991 عندما عدلت تسميت سوروس إلى مركز سوروس للفن المعاصر، ويعد هذا المركز الاول والرائد لدى شبكة scca والتي يمكن تحديد أهداف برنامجها التوثيقي في الوصف الشامل لعمل الفنان مع تفاصيل سيرته الذاتية ونسخاً من المواد ذات الصلة والكتلوجات التي تم نشرها ، بهذا أصبحت شبكة scca اول مؤسسة لتوثيق اعمال فنان مازال على قيد الحياة  أو متوفى حديثاً في بلدان ما بعد الاشتراكية وقامت النقابات المتلاشية في وقت واحد بفهراسة الأعمال الفنية الاشتراكية ، وللعلم فضمن نموذج الفن المعاصر يلعب التوثيق دوراً رئيسياً، ولكن ما هو توثيق الفنون؟ هو فرع من فروع علم التوثيق وقد ظهر في اول نصف القرن العشرين على غرار أرشفة المكتبات وعلم المعلومات ، وفي فترة ما بعد الحرب ينظر المختصين إلى هذا المجال ( التوثيق ) كأسلوب ثقافي وكأداة لنشر افكار الغربية وأن هذه الوثائق لخدمة العلوم الانسانية ، يتشارك التوثيق الفني المعاصر مع علم التوثيق في خلفية تاريخية مماثلة ، ونقاد الفن يحاولون ان يبرهنوا ان الوثائق الفنية هي في الواقع بديل عن الخبرة الفنية " فتوثيق الفنون بالتعريف ليس فن، بل يشير إلى الفن، أن الوثائق الفنية  تبدأ في احتلال دورا أكثر بروزاً خاصة بعد الانتقال من الفهم في المقام الأول فن من حيث انتاج أشياء ملموسة ( لوحات ومنحوتات ورسومات ) لغير المادي أو خبرات فنية فكرية ( الإجراءات والأدوات وغير المفهوم والغير المادي) ومثل هذه التجارب هي في حاجة ماسة إلى البراهين لتسجل موضوعيتها .
الخطة والمشروع :
ما قامت به شبكة scca في التوثيق يقودنا إلى موضوع آخر وهو الفرق بين العقليات الفنية المعاصرة وعقليات ما قبل المعاصرة والتي من أهمها الخطة والمشروع، عندما دخلت شبكة scca اوربا الشرقية طبقت طريقة جديدة ( المشروع ) فعلى كل فنان تعاون معها ان يقدم وثيقة أو مشروع موضحاً في التفاصيل الدقيقة والمقترحة لنشاطه الفني وهكذا أصبح ( المشروع ) شرط أساسي للفنان للاستفادة من الموارد التي تقدمها مراكز سوروس، يقول ( إلليا كاباكوف ): (أن المشروع الذي يعرضه الفنانون المعاصرون يختلف بشكل جذريا عن المشاريع الغير محددة للفنانين في الماضي ).أن مصطلح المشروع كان يستخدم من قبل المهندسين والمعماريين ولكن ليس من قبل الفنانين، وفي هذا الصدد يجب على الفنان أن يكون عقلانياً وواقعي ويجيد تنفيذ المشاريع (كمقاول)، ولقد أصبحت عقلانية ( المشروع) لعمل موجه ومحسوب جزءا لا يتجزأ من عقلية الفن المعاصر بعد عام 1989م كان على الفنانين ان يتعاونوا مع مراكز الفن المعاصر للتكيف مع هذه الوضع من التفكير من خلال الجلوس في الورش بقيادة خبراء وتعلم كيفية وضع المشاريع وتنفيذ الاستراتيجيات ، وانتاج الوثائق أو كتابة مقترحات ( عروض ) المنح ، وكان عليهم ان يتعلموا كيف يقدمون تفاصيل دقيقة تتعلق بمستقبل عملهم الفني، ويبدو أن تطبيق طريقة المشروع ضمن الفنون قد غير بعض الجوانب الجوهرية للمهن الحرة، وفي الواقع فإن عقلانية المشروع الجديدة تشير إلى تغيرات اجتماعية أوسع والتي تتبع أجندة التقدم ونظرية التنوير لأوربا الغربية، ومفهوم المشروع أدخل مفردات الفنانين أثناء التسعينات ويعود الفضل في ذلك إلى مؤسسات الانتقال مثل شبكة scca وكان مؤشراً لتصاعد عقلانية جديدة والتي كانت في الأصل اقتصادية ، لذا لا يمكن ان يعذر أحد من المشاركة في مسرح الاقتصاد لما بعد الاشتراكية ولا يستثنى الفنانون المعاصرون فالفنان والفنانة يجب ان يكونوا مثل أي أشخاص آخرين وأن يلجأو إلى منطق الالتحاق بالأعمال الحرة ودخول المنافسة في التجربة الثقافية المتوقعة بعد أن أصبحت عقلية المشروع الأسلوب المفضل للفن المعاصر .

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets